موكب الصباح
بواسطة
, 29-10-2012 عند 06:43 AM (1979 المشاهدات)
لي طقسٌ هجرته قبل أشهر، وهو بعد أن أصلي الفجر، أعتلي سطح المنزل؛ أتمشي بعض الوقت، و أنتظر قدوم ذلك العزيز على قلبي كثيرًا! اشتقت لتلك الأجواء التي عشتها، فأحييتها اليوم بعد غيابٍ طال، و لن - إن شاء الله - أهجره ثانيةً.
الصباح..
إن الصباح أراه ملكًا، ليس كالملوك، يبزغ كل يومٍ مع انفتاق الشموس، ليهدي للبشرية روْحًا، و ريحًا طيبة، الصباح ذلك الموكب العظيم!
للصباحِ موكبٌ يباهي به مخلوقات الله، فهي تحت جناحِه ترفل بالنِعم، ذلك الصباح لا يقدم حتى يمهد له الفجر بُسُطًا أرقى و أحلى من الحرير، ثم يأتي حُراس الصباح و غوانيه الملاح، تلك العصافير الشادية تقبل صدّاحة من الشمال و الجنوب، شرقًا و غربًا، أينما التفتَ رأيتها أمامك، تغني أهزوجة الصباح، مرحبةً بقدومه..
وتحتفي الأشجار بمقدِم هذا الموكب العظيم، فتهتز طربًا، تخالها ستطير إلى السماء لترقص مع العصافير، و تغني معها، و هي تغني حقًا، فللشجر حفيفٌ شدوه خفيف، يطرب الآذان، و تبتسم السماء لهذا الطرب من شجرٍ وريف، نضرٍ ظريف.
وتلك الغيوم الملونة، حمراء، زرقاء، رمادية، داكنة، بيضاء.. إلخ، لكأنما ازّينت بأثوابٍ شتّى، تحتفل مع موكب الصباح العظيم، يكاد منظرها يسلب قلبي قبل لُبي.
وأما الحدث الجلل، والمنظر الأجمل، وقد رأيتَ غيومًا بيضاء، بحوافّ برتقالية اللون، فتنفتق، وتلد وجهًا كلما غاب أشرق، قرصٌ مدوّر، ينتشي بلونه البرتقالي، فيظهر وجهًا للصباح خلابٌ جذّاب!
و يتنفس الصباح! ويبعث نسيمًا عليلًا جميلًا، تطرب له الأشجار، فتهتزُّ أكثر، تستنشقه العصافير بلذة، فتأتيك بهاتيك الأغاريد و الشقشقات المِلاح، لكأنما ارتوت بفيضٍ من ماء الحياة، أمطر حبًا، أمطر حبورًا على أرضٍ جدبى جفّت و أقحلها و أكلحها ظلام ليل .
الصباح! ذلك الأنُس الخفي، ذلك الصوت الشجي، ذلك الجو النقيّ، وسماءٌ انبلجت، وأرضٌ مدت يديها تحضنه بحنو، والصباح بتواضعٍ يدنو، ينثر بذور الحب، ينشر فرحًا على كل قلب..
الصباح صاحب العصافير الشادية، و أنيس الأشجار العالية، الدانية، الصباح معلم كبير له مريديه، و العالم للصباح مريدون، ويسألون من الله رزقًا يريدون، في كل صباح، مع كل إشراقة شمس، و انقشاع ظلام، يعلمنا الصباح، أن الحياة تمضي، و ما الظلم بباقٍ، ما دام فضل الله إلينا يُساق.. بانبلاج صباحٍ له إشراق..
كن على تواصل معنا ليصلك كل جديد تابعنا على المواقع الإجتماعية