النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2018
    المشاركات
    5
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    Iconsssss أنت هو وطني الذي أنتمي إليه ... قصة من تأليفي لمسلسل جونكر (غزاة من الفضاء)

    السلام عليكم.. هذه أول قصة لي هنا في المنتدى و هي موجهة إلى جيل الثمانينات عشاق مسلسل جونكر.. القصة من وحي خيالي و اضافة لشخصيات خيالية.. . أتمنى ان تستمتعوا بها.

    الفصل الأول

    -أليس الكون جميلاً حقاً ؟

    كان يطرح هذا السؤال علي كلما جلسنا نراقب الأرض من على سطح القمر . لقد مر على وجودي هنا بضعة أشهر لا أكثر .

    اسمي هو أثينا.

    انا مخلوقة من معدن حي ، أتيت من مجرة تبعد ملايين السنوات الضوئية عن هنا. مجيئي كان بمحض المصادفة .. كنت هاربة من ( أسياد ) مجرتنا.. مخلوقات ذكية صغيرة الحجم تشبه البشر نوعا ما. كان ( أسيادنا ) يصنعوننا من المعدن الحي الذي ينتشر بوفرة في كواكب تلك المجرة . كان الهدف من صنعنا هو مساعدتهم في تشييد عوالمهم و المساهمة في حمايتها من غزو المخلوقات المعادية . تعايشنا معهم لمئات السنين .. و كانت حياة كاملة بالنسبة لنا.

    لكن بمرور الوقت.. بدأت الحروب و النزاعات تنشب بين كواكب هذه المجرة.. و صار ( أسيادنا ) يتصارعون فيما بينهم للسيطرة . وجدنا أنفسنا نحن مخلوقات المعدن الحي قد تم إقحامنا في هذه الحروب.. و صرنا أدوات فتاكة للقتال و الحرب . صرنا نتقاتل فيما بيننا أيضا . البعض لم يمانعوا أن يقتلوا إخوتهم و حتى أن يسفكوا دماء شعوب تلك الكواكب باسم الولاء للسادة و إطاعة أوامرهم . أولئك الذين رفضوا أن يصبحوا أدوات للحرب تم وسمهم بالخيانة و تمت ملاحقتهم و إبادتهم من قبل إخوتنا أنفسهم.. البعض منا سواء كان رافضا للرضوخ لأوامر الاسياد أو أولئك الذين تم إلحاق الهزيمة بهم من الأطراف المعادية كان يتم أسرهم و الزج بهم في سجون خاصة لا يمكن الفكاك منها و تعذيبهم بوحشية. و الوسيلة الوحيدة للخلاص كانت بالمشاركة في ألعاب دموية ابتدعها الأسياد.. أولئك السفلة كانوا يزجوننا في حلبات للمبارزة و يجبروننا على القتال حتى الموت فيما بيننا.. هذا إن كنا نريد الخلاص من التعذيب و التنكيل.. و كل من كان يرفض أو يتخاذل في هذه المواجهات كان مصيره أن يتمزق بيدي إخوته الذين يواجههم في الحلبة. كانت جماهير و حشود صاخبة من الأسياد القذرين يراقبون هذه المواجهات كما لو كانت ضربا من التسلية و يستمتعون بمشاهدتنا نمزق بعضنا.. بل و يهتفون مشجعين كذلك.

    كم أكره التفكير في تلك الحقبة البائسة و البشعة.. حقبة تلونت بدماء الأبرياء.. و تقطعت فيها أوصال المئات من إخوتي و تم رمي ما تبقى من جثثهم في الفضاء حتى ملأته.. كان فضاء تلك المجرة عبارة عن مقبرة موحشة لنا نحن مخلوقات المعدن الحي. ما الذنب الذي اقترفناه حتى يحل بنا هذا كله ؟ أهذا جزاؤنا على ما قدمناه لتلك المخلوقات التي أسميناها بالأسياد ؟!

    تنتابني رعشة كلما فكرت بالأمر. ان نجاتي بأعجوبة من كل تلك المصاعب ما كان ليكون لولاه.. منقذي و صديقي و معلمي.. و لكنه قد رحل.. رحل و تركني وحيدة .. رحل بعد أن انقذ حياتي و ضحى بنفسه من أجلي.

    همت في الفضاء وحيدة لوقت طويل.. و انتقلت عبر المجرات هاربة من بطش أولئك القذرين.. كنا نحن الأقوى.. لكنهم كانوا يتفوقون علينا بالأسلحة و التكنولوجيا. و كانوا يعرفون نقاط ضعفنا و يستغلون ذلك ضدنا.. كيف لا و هم الذين صنعونا .

    لا أذكر بالضبط كيف وصلت الى هذه المجرة.. ربما سحبني ثقب أسود أو ما شابه ، لم أجد نفسي إلا و قد أصبحت في مرمى مركبة فضائية عملاقة غريبة.. سرعان ما هاجمتني و أخذتني أسيرة عندها. أنا مقاتلة من الطراز الرفيع.. و لولا شرودي و حزني اللذان سيطرا علي منذ تلك الحادثة التي خسرت فيها أعز ما أملك لما كنت وقعت في الأسر بهذه البساطة.

    مخلوقات صغيرة بشعة كانت تملؤ تلك المركبة.. نسخة أخرى من الأسياد المقيتين في نظري.. سمعتهم يتحدثون عن استغلالي.. و إستخدامي كأداة للقتال ضد عدو لهم يمنعهم من السيطرة على كوكب يسمى بـ( الأرض). لم أكن لأسمح لهم بذلك.. فأنا سئمت من كوني دمية تتلاعب بها المخلوقات الأخرى التي تدعي أنها أذكى منا.. لكن مقاومتي لهم لم تكن ذات جدوى للأسف.. تلك الكائنات الشريرة وضعت حول عنقي طوقا غريبا أخضعني لسيطرتهم.. حاولت المقاومة.. لكن سيطرة الطوق كانت أقوى مني.

    ما جرى بعدها كان أشبه بحلم لا أستطيع الاستيقاظ منه.. كان جسدي لا يستجيب لي.. بل لأوامر ذلك المدعو بالمدمر 1.. ذلك القذر.. فقط لو تمكنت من إحكام قبضتي عليه قبل أن يثبت هذا الطوق اللعين علي بلحظة واحدة لكنت سحقته بين أصابعي بلا تردد .

    لا أذكر الكثير من التفاصيل بعدها.. لكنني وجدت نفسي قد زججت في قتال آخر ضد من هو من بني جنسي.. تماما كما كان الحال في حلبات الموت عندنا. كان اسمه جونكر.. كان مقاتلا شديد البأس و ذكيا.. لكنني كنت أسرع منه بكثير و أكثر خبرة منه في القتال المباشر عن قرب.. واجه وقتا عصيبا في قتالي.. كيف لا و أنا مقاتلة محترفة منذ مئات السنين.. أما هو فكان على ما يبدو يافعا لم يتعد وجوده في هذا الكون العقد حتى ، كدت فعلا أقضي عليه.. لم أكن أريد ذلك.. لكن أمري لم يكن بيدي وقتها. قبل أن أجهز عليه تمكن بحركة خاطفة من تحطيم الطوق الذي يتحكم بي. يبدو أنه أدرك أنني لست عدوا له.. و أنني واقعة تحت سيطرة المدمرين ليس إلا . ارتميت غائبة عن الوعي.. و حين استيقظت وجدته بقربي .

    لم يكن وحده.. كان معه مخلوق صغير شبيه الى حد ما بـ (الأسياد). أبدى جونكر هذا ارتياحه لتخليصه لي من سيطرة المدمرين.. و يبدو أنه توقع مني أن أشكره أو ما شابه. لكنني لم أفعل فهذا ليس من طبعي ، أكره ان أبدو بموقف الضعيفة أمام أحد . سألني إن كنت بخير.. نظرت إليه مطولا.. كان جسده في حالة يرثى لها من نزالنا.. و يسألني إن كنت أنا بخير ؟؟! ما أغرب أمره. أخذ الطفل الصغير الذي معه يطرح علي الأسئلة.. ماذا كان يفعل هذا الصغير هنا على أية حال ؟ كان يسألني عن اسمي و من أين أتيت و كيف قبض علي المدمرون.. و هل أنا حليفة لهم.. كان رأسي يدور .. و أسئلته سببت لي المزيد من الدوار . أجبت بانزعاج.. اسمي هو أثينا. لا شأن لك من أين أتي ، ليس لدي مكان أنتمي إليه على أي حال ، أنا لست حليفة لهؤلاء المدمرين الملاعين.. كما ترى فهم باغتوني بطوق السيطرة و لولا ذلك لما تمكنوا مني.

    التفت نحو المدعو جونكر و قلت له بسخرية : أنت محظوظ.. كنت سأجهز عليك لولا حركتك الأخيرة ! عليك أن تكون ممتنا !

    بدأت بالنهوض.. حاول جونكر بحركة تلقائية أن يساعدني. دفعته بقوة بعيدا عني و أنا أصرخ : إليك عني ! من سمح لك بأن تلمسني ! لست بحاحة لمساعدة من مثير للشفقة مثلك !

    صرخ بي الفتى الصغير بحنق : هييه أنتِ ! من تظنين نفسك ؟! لقد أنقذنا أنا و جونكر حياتك للتو أيتها الجاحدة !

    استوقفتني كلماته.. ماذا كان يعني بأنهما أنقذاني ؟ ما علاقة هذا الصبي بجونكر أصلا ؟ قبل أن أفتح فمي بكلمة نطق جونكر بلهجة ساخرة بدوره : لا عليك يا كنتارو ! يبدو أن ضرباتي القوية قد أثرت على رأسها ، مسكينة

    شعرت لحظتها بأنني أغلي كالمرجل.. كيف يجرؤ !؟ حاولت ان اسدد قبضتي إليه و أنا أصرخ : أيها ال...

    لكن لحظتها خارت قواي و خانتني قدماي ، كدت أسقط على الارض لولا أن أمسكني بسرعة و أجلسني على الأرض برفق . هذه المرة لم يكن لدي من القوة ما يكفي لأصرخ به أو أعترض على مساعدته . قال لي برفق و قد تلاشت نبرته الساخرة المزعجة : اهدئي قليلا ، اسمك هو اثينا.. صحيح ؟ ارتاحي و استجمعي قواك يا أثينا ، أنت بأمان هنا على الأرض .. لن نسمح للمدمرين بلمسك مرة أخرى

    كان واضحا أنه قلق علي ! لماذا يقلق على غريبة مثلي ؟ ألم أكن على وشك قتله للتو.. ألم أقابل صنيعه بالجحود و النكران ؟ و فوق هذا كله يطمئنني و يعدني بالأمان.. ما أغرب أمر جونكر هذا فعلا !

    ما حصل بعدها أن المدمرين سرعان ما أرسلوا آليا آخر بعدما أدركوا انهم خسروا سيطرتهم علي . أسرع جونكر لقتال الآلي المدمر رغم حالته. ذلك الفتى الصغير اندمج معه بطريقة ما.. كم هذا غريب حقاً ! راقبته من مكاني و هو يعاني في قتاله حتى انتصر في معركته الثانية على التوالي.. لقد استمات للدفاع عن سكان المدينة المجاورة و تمكن من انهاء الوحش بعد جهد جهيد. رأيت الفتى يخرج من صدره.. ثم ارتمى كل منهما غائبا عن الوعي . لا شك ان المعركتين القاسيتين قد نالتا منهما . فكرت في مغادرة الأرض و الذهاب للبحث عن مركبة المدمرين و تلقينهم درسا على تجرؤهم على العبث معي. لكن لسبب اجهله لم يطاوعني قلبي على تركهما هكذا.. ماذا لو عاود المدمرون هجومهم و هما على هذه الحال ؟

    حين أفاق جونكر وجدني جالسة بقربه ، سألني عن المدعو كنتارو .. فأشرت له أنه نائم بقربه. تحدثنا قليلا.. سألته لم يدافع عن هذه الأرض .. لم يخاطر بنفسه هكذا من أجل مخلوقات صغيرة حقيرة لا تستحق الحياة و تستغله في حربها ضد المدمرين.. رد علي بأنه يحارب المدمرين باختياره هو لأنه يحب الأرض و سكانها.. الأرض هي موطنه الثاني بعدما خسر موطنه الأصلي .. أخبرني عن كوكب كنتاروس و عن مايا و قصة مجيئهما للأرض .. أخبرني أن القلادة جزء من المعدن الذي صنعته مايا منه و لذلك يحتاج لالتحام كنتارو معه كي يصبح في كامل قواه. أخبرني أن كنتارو ووالده بمثابة عائلته.. و أنه سيبذل الغالي و الرخيص لحماية عائلته و هذه الأرض .

    أنصت إليه و هو يروي كل ذلك و قد اعتراني الذهول.. هل يمكن أن يكون البشر مختلفين حقا عن ( أسياد ) مجرتي ؟ هل يعقل أن يرتبط مخلوق معدن حي بإنسان ضعيف كهذا برباط من الشراكة و المحبة و الألفة ؟

    سألني جونكر : و أنت يا اثينا.. أليس لك مكان تنتمين إليه ؟ أليس لك عائلة أو أصدقاء تهتمين لأمرهم ؟

    سؤاله هذا كان في مقتل.. كلماته انغرست في صدري كالسهم.. لحظتها داهمتني مشاعر كبتها طويلا من الحزن و اليأس و الشعور بالذنب.. لم أشعر بنفسي إلا و أنا أذرف دموعي بصمت.. نعم.. نحن مخلوقات المعدن الحي نبكي أيضا لكننا نكره إظهار مشاعر الضعف و الخذلان . لكن لحظتها لم أكن أبالي.. كنت غير قادرة على منع نفسي من البكاء . بكيت على المعاناة التي تجرعتها.. على موطني الذي خسرته.. على رفاقي و إخوتي.. على منقذي الذي تركني وحيدة.. على حياتي التي باتت باهتة بلا معنى .

    يبدو أن جونكر رق لحالي .. في المعركة كان يبدو شخصا مختلفا تماما.. فهناك كان مقاتلا صلبا و لاذع الكلمات و متغطرسا حتى.. لكنه هنا كان يتكلم معي برفق و هدوء . صوته كان مطمئنا و دافئا.. أثينا.. لا أعلم ما هي قصتك.. لكنني أستطيع أن أتكهن بأنك مررت بظروف لا تحسدين عليها.. اطوي صفحة الماضي ، و ابدئي حياة جديدة هنا على الأرض ، اعتبري هذا المكان موطنك منذ هذه اللحظة.

    لا أدري لم طاوعته ؟
    لم وافقت على اقتراحه ؟

    أخبرته أنني سأبقى مؤقتا فقط حتى أستجمع شتات نفسي ، كان هذا قبل شهور مضت ، و ها أنا لا زلت هنا...

    كنا نجلس على القمر لساعات بصمت نتأمل جمال الأرض الأخاذ و نستمتع بالسكينة و الهدوء . كنا نسترق هذه الأوقات حين لا يكون هناك هجوم كاسح على الأرض من قبل تلك المخلوقات البغيضة التي تسعى للسيطرة على هذا الكوكب الأزرق البديع . في البداية كان وجوده يضايقني.. و كنت أهتف فيه مطالبة إياه بتركي و شأني ، لكنه كان عنيدا ، كان يصر على الجلوس بالقرب مني و يلتزم الصمت كي لا أشعر بوجوده... و شيئا فشيئاً اعتدت على ذلك و لم يعد وجوده مصدراً للضيق بالنسبة لي . نادراً ما كنا نتحدث.. و كنت أراقبه و هو يطير نحو الأرض مسرعاً حين تتوهج قلادته العجيبة تلك في إشارة له من شريكه الصغير أن الأرض في خطر وشيك. كانت تمضي الساعات ثقيلة علي.. ثم أجده يعود منتصرا و آثار الإنهاك على جسده . كنت أتظاهر بأنني غير مهتمة بتفاصيل معركته و لا حتى بعودته سالما. و لكنني بمرور الأيام بدأت أشعر بأن الفضول يقتلني.. و كنت لسبب ما أقلق إن تأخر بالعودة. اللعنة.. ربما بدأت أصبح لينة مثله ! العواطف و المشاعر الرقيقة مثل القلق و الاهتمام و الطيبة كانت تثير اشمئزازي. لكن يبدو أن عدواها بدأت تنتقل إلي بسببه ! اللعنة !

    في آخر مرة عاد فيها من القتال قلت بلا تفكير .. تبدو بحال مزرية أكثر من العادة.. هل كانت المعركة صعبة هذه المرة ؟

    اتسعت عيناه دهشة مني !

    ردة فعله هذه جعلتني أصاب بالإحراج.. سارعت بالقول بحنق محاولة إخفاء ملامح الخجل.. كان هذا فضولا لا اهتماما..

    أطلق جونكر ضحكة طويلة.. ضحك و ضحك.. ازداد شعوري بالحنق و استبدت بي رغبة في مهاجمته و إشباعه ضربا. تمتمت بسخط : تبا لك !

    تمالك نفسه و توقف عن الضحك و جلس بقربي ، نظراتي نحوه التي يتطاير منها الشرر لم تمنعه من التحدث معي

    - لأول مرة تبدين اهتماما بحالتي !

    - قلت لك.. انه الفضول ليس إلا. لا أبالي حتى لو ذهبت إلى الجحيم !

    ضحك من جديد. هذه المرة وجدتني اضحك معه.. اللعنة ! ما الذي أصابني هكذا فجأة ؟ هل بدأت أتغير حقا ؟ مر زمن طويل منذ أن واتتني رغبة في الضحك. زمن طويل للغاية...

    بعد ذلك عدنا لنراقب الأرض كالعادة بصمت و سكون ... سألني بصوته العميق.. أليس الكون جميلا حقا ؟

    هذه المرة كلماته أثارت في نفسي شعورا بالراحة و الطمأنينة.. لأول مرة منذ وقت طويل شعرت أن الحياة فيها ما يستحق الاستمرار لأجله .

    نعم.. إنه جميل حقا.. تمتمت بعفوية..

    نظر جونكر نحوي ذاهلا ! كانت تلك أول مرة أجيبه عن سؤاله هذا .. نظرت نحوه بدوري ، توقعت منه أن يضحك ثانية.. لكنه هذه المرة اكتفى بالتحديق بي بدهشة . ربما كان يتوقع مني أن أغتاظ من جديد و أحتد كالعادة .. فهذا كان طبعي . لكنني وجدت نفسي ابتسم . ابتسمت لأول مرة منذ زمن بعيد أيضا . شعرت بابتسامتي و هي تنبعث من الصميم .. أدركت أخيراً أنه قد أصبح لي هدف جديد في الحياة.. و أن علي ألا أضيع هذه الفرصة أكثر من ذلك ، علي ألا أبقى منطوية على نفسي هنا أكثر من ذلك.. علي أن أصبح جزءا من هذا العالم الجديد الجميل الذي ساقتني الأقدار إليه. علي أن أسمح لنفسي بالانتماء إليه.. لن أقف مكتوفة اليدين بعد الآن.. سأقف إلى جانب جونكر في حربه ضد المدمرين.. لن أسمح لهم بتخريب هذه الأرض الجميلة . لن أسمح بدمار الأرض.. جونكر منحني حياة جديدة.. و فرصة جديدة..

    جونكر.. من الآن فصاعدا سأشارك في القتال أيضا ! قلت ذلك بلهجة جادة و الابتسامة لا تزال على شفتي.

    حدق بي جونكر لوهلة.. لا أدري ما الذي كان يجول بخاطره.. لم أستطع تفسير معالم وجهه.. هل كان سعيدا أم لا بقراري هذا ؟

    سرعان ما أومأ برأسه و هو يبتسم بدوره : مرحبا بك .. يا شريكتي الجديدة !
    ...
    الصور المرفقة الصور المرفقة  
    التعديل الأخير تم بواسطة lotus2018 ; 25-10-2018 الساعة 11:13 AM

  2. #2
    عضو مشارك الصورة الرمزية Memo Sama
    تاريخ التسجيل
    Nov 2015
    الدولة
    العراق، بغداد
    المشاركات
    50
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    افتراضي

    عاشت يدك على الابداع القصة رائعة واتمنى تستمرِ في نشرها

  3. #3
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2018
    المشاركات
    5
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Memo Sama مشاهدة المشاركة
    عاشت يدك على الابداع القصة رائعة واتمنى تستمرِ في نشرها
    شكرا جزيلاً على لطفك

  4. #4
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2018
    المشاركات
    5
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    افتراضي

    الــــــفـــــصـــــــــــــــل الــــــثـــــــــــــــانــــــــــــــــي

    - اللعنة على جونكر ! اللعنة على أثينا!

    دوى صراخ المدمر 1 في أرجاء القاعدة حتى كاد يزلزلها و هو يلوح بقبضته بحنق أمام شاشة المراقبة و قد أوشك على تحطيمها من شدة غيظه. أحد المدمرين الذين كانوا بقربه تراجع خطوة للخلف و كأنه خشي أن يصب قائدهم جام غضبه عليه هو . أما المدمرون الآخرون فكانوا يبتلعون ريقهم بتوتر و هم يراقبون مع قائدهم مشهدا حيا لأسطول من صحونهم الطائرة و 3 من الوحوش الآلية تدمر أمام أعينهم على يد البطل الجبار و شريكته الجديدة في حماية الأرض . كان انضمام أثينا للقتال إلى جانب حامي الأرض ضربة موجعة للمدمرين.. اذ أصبحت هزيمتهم مؤكدة كل مرة بوجود مقاتلين بدلا من واحد.. و صار حتى الهجوم بالصحون الطائرة على المدن أمرا شبه مستحيل.. فالاثنان كانا لهم بالمرصاد . حاول المدمر 1 تدارك الأمور .. و صار يرسل بدل الوحش الآلي اثنين أو أكثر ليحاول ترجيح كفة المدمرين في المعارك.. لكن هذا كان يستغرق وقتا أكثر لتصنيع الوحوش الآلية و استنزافا أكبر للموارد في سبيل إمدادها بالأسلحة ..

    لكن أيا من ذلك لم يكن ينفع . كانت الهزيمة النكراء تلحق بهم كل مرة . صحيح أنهم كانوا يفوزون في بعض الجولات لوقت قصير ، لكن نهاية المعركة كانت دوماً لصالح جونكر . حاولوا اتباع استراتيجيات مختلفة ، حاولوا توجيه أكثر من هجوم واحد في نفس الوقت في أماكن مختلفة و استهداف المنشآت النووية و غيرها لتشتيت جونكر و أثينا. لكن الأخيرين و لسوء حظ المدمرين كانا بطريقة ما يتعاونان و يتولى كل منهما موقعا من المعركة لتحقيق النصر .

    التفت المدمر 1 بحركة خاطفة نحو مستشاريه المدمرين 2 و 3 و هو يزمجر مجددا و قد أشار للشاشة بإصبعه الذي كان يرتعش من شدة توتره :

    - ثلاثة وحوش آلية.. ثلاثة !! و عشرات الصحون الطائرة !! ألم يكن وجود جونكر اللعين وحده كافيا لإحباط مخططاتنا الواحد تلو الآخر ؟.. و الآن أصبحت تلك الشقية عقبة أخرى في طريقنا !

    نظر المدمران 2 و 3 لبعضهما بقلق.. بينما عاد المدمر 1 للنظر نحو الشاشة و هو يتمتم و قد استبد به الغيظ..

    - فقط لو أن تلك اللعينة بقيت تحت إمرتنا و قضت عليه قبل أن يخلصها من طوق السيطرة.. فقط لو نجحت في تخليصنا منه وقتها.. اللعنة عليهما !!)

    حقيقة أن المدمرين أنفسهم هم من أرسلوا أثينا للأرض - كمن جلب الدب لكرمه - كانت وحدها كفيلة بتأجيح نار السخط في نفس المدمر 1 كل مرة تقع عيناه عليها فيها على أرض المعركة .

    تمتم لنفسه من جديد.. لا بد من وسيلة للقضاء على هذين الاثنين.. الوقت ينفد منا !

    التقت مجددا و هتف بعصبية .. مدمر 3!

    أجابه المدمر 3 و هو يحاول اخفاء ارتباكه.. نعم سيدي !

    - ماذا حل بالسلاح الجديد ؟! ألم يجهز بعد ؟!!

    - إنه قيد التجربة يا سيدي.. لكن المواد المستخدمة في صناعة الشعاع الفتاك نادرة للغاية.. و ليس لدينا ما يكفي لتوجيه أكثر من ضربة واحدة فقط!

    شد المدمر 1 على أسنانه و هو يزمجر.. لماذا تضيعون الوقت إذا ! فلتذهب مركبة في الحال و تحمل معها السلاح على الفور !

    حاول المدمر 2 التدخل.. فهو بمثابة صوت العقل دوما بين المدمرين لكونه الأكثر حكمة و حنكة بينهم..

    - سيدي.. تريث قليلاً ، الشعاع لا يكفي سوى لطلقة واحدة.. و إن أخطانا التسديد سنخسر شهورا من العمل المتواصل لاستحداث هذا السلاح !

    - لا تدعهم يخطئوا التسديد إذا ! كان رد المدمر 1 بنبرة تهديد .

    - و لكن يا سيدي.. نحن بحاجة لخطة كي..

    - لا وقت لدي للخطط التي لا نفع منها ! هب فيه المدمر 1 كالإعصار .

    - لقد أضعنا ما فيه الكفاية من الوقت.. و خسرنا الكثير من رجالنا و استنزفنا مواردنا في حربنا ضد جونكر وحده .. و الآن و بعد أن أصبح لدينا عدو جديد بعد تحالف أثينا معه فمن الواضح أننا لن نفوز إلا بتسديد ضربة قاضية مباغتة !

    تبادل المدمرون النظرات فيما بينهم . كان من الواضح أن قائدهم مصمم على رأيه و لا سبيل لثنيه عن عزمه.

    نظر المدمر 1 نحو الشاشة من جديد و ركز نظره على أثينا.

    - مدمر 4.. في تقريرك الأخير عن أثينا أخبرتني أن معدنها يتأثر بالإشعاعات أكثر من معدن جونكر .. صحيح ؟

    أجابه المدمر 4 : نعم يا سيدي ، يبدو أن مخلوقات المعدن الحي تتفاوت في قدراتها على مقاومة الأسلحة الإشعاعية.. فقد لاحظنا أن أثينا تتأثر ببعض الأسلحة الإشعاعية بينما لا تكاد تؤثر في جونكر الذي يتمتع بصلابة و قوة احتمال أكبر . لكن أثينا اسرع و ماهرة في المراوغة.. و ضرباتها المباشرة في الاشتباك عن قرب محكمة و قاتلة معظم الأحيان .

    أضاف المدمر 3 متحمسا: لكنها متسرعة و متهورة بعض الأحيان و تعرض نفسها للخطر بسبب ذلك. لكنها حتى الآن و بطريقة ما تمكنت من النجاة كل مرة..

    عقب المدمر 2 بمداخلته.. لقد كان الحظ إلى جانبها.. و جونكر يتصرف كما لو كان درعا لها في وجه هجمات كهذه !

    إذا...) قال المدمر 1 و قد ارتسمت على وجهه ابتسامة خبيثة حلت محل تكشيرته : كل ما علينا هو تسديد تلك الضربة لأثينا حين لا يكون جونكر معها !

    - ولكن لماذا نضيع السلاح الفتاك على أثينا ؟ سأل المدمر 7 و قد بدت عليه الدهشة. عدونا الأساسي هو جونكر.. و قد بدأنا بتطوير السلاح قبل وصول أثينا حتى ! أليس المفروض أن يقضي هذا السلاح على جونكر ؟!

    - كلامك صحيح.. رد عليه المدمر 2 موضحا و هو يتمشى و كأنه أستاذ جامعي يلقي محاضرة لطلابه.. لكننا لسنا واثقين من فعاليته.. قد يكون فعالا للقضاء عليه و قد لا يكون.. فقد سبق و جربنا عليه أسلحة مدمرة و لكنه قاومها جميعاً.. الأسلحة النووية و الموجات الفوق سمعية و الغاز المسبب للصدأ و الخاتم الضوئي.. كلها أحدثت ضررا في جسد جونكر لكنه كان ينتصر و يعود أقوى من السابق بعد التعرض لها. جسد جونكر يصبح محصنا بعد التعرض لأي هجوم.. و لكن يبدو أن اثينا لا تتمتع بهذه الخاصية.. و لهذا فتسديد الشعاع لها نتيجته مضمونة أكثر .
    اعترض المدمر 5 بقوله: ولكن السلاح الفتاك طريقة عمله مختلفة عما سواه.. إنه قادر على قتل خلايا المعدن الحي و منعها من إعادة التشكل أو التعافي.. كما و أن الضرر ينتقل للخلايا الأخرى بمرور الوقت و يقتلها أيضا . أليس من الأجدر أن نقضي على جونكر بسلاح مدمر كهذا بدلا من تضييع فرصتنا الوحيدة في تسديد ضربة قاضية إليه ؟ )

    رد عليه المدمر 2 بنفاد صبر ... النتيجة غير مضمونة في حال جونكر بكل الأحوال.. أما لو أصاب الشعاع اثينا و التي هي الحلقة الأضعف فيما يتعلق بتأثرها بالأسلحة الإشعاعية فسنكون قد تخلصنا منها.. و سيكون بإمكاننا التركيز على هزيمة جونكر مجددا بدل مواجهة كليهما كل مرة

    هز المدمر 1 رأسه راضيا عن تحليل مستشاريه و خاطبهم بنبرته الآمرة ...إذا قضي الأمر .. سنستخدم السلاح الفتاك ضد أثينا ! جهزوا الآلي سارك للانطلاق في الحال !

    هتف المدمر 2 مندهشا.. الوحش الآلي سارك ؟ و لكنه غير جاهز يا سيدي !

    - قوموا بتجهيزه بأسرع وقت! سيكون سارك طعما مناسبا لأثينا ! و أنت أيها المدمر 56.. ستقود الصحن الطائر الذي يحمل السلاح الفتاك و تهاجم به أثينا حين تكون منشغلة بالقتال مع سارك . هيا تحركوا جميعا !

    - حاضر سيدي ! هتف المدمرون بصوت واحد ثم أسرع كل منهم للقيام بعمله بلا تأخير .

    نظر المدمر 1 نحو الشاشة.. و هذه المرة كانت ابتسامته الشريرة تشق وجهه اثناء تحديقه بصورة أثينا.

    - لقد انتهى أمرك يا أثينا.. لن تفلتي من عقابي هذه المرة أبدأ !

    **************************
    كان جونكر يبحث عن أثينا التي اختفت فجأة بعد معركتهم الأخيرة. بحث عنها حتى وجدها جالسة على إحدى الهضاب و قد وضعت ساقا فوق الأخرى عاقدة الذراعين أمام صدرها . أدرك جونكر على الفور من جلستها هذه أنها في مزاج سيء.. الواقع أن أثينا كانت معظم الوقت في مزاج سيء . كان جونكر يمضي وقتا عصيبا في التأقلم مع طباعها الحادة و مزاجيتها في البداية .. لكنه اعتاد على الأمر مع الوقت. كانا يتجادلان دوماً.. و لكن جونكر كان حليما و صبورا مع هذه المخلوقة النزقة و يحاول احتوائها قدر المستطاع.. صحيح أن جونكر كان معتادا على فكرة كونه المعدن الحي الوحيد الناجي من كوكب كنتاروس .. لكن اكتشافه أن هناك المزيد من بني جنسه في هذا الكون الفسيح و أن أحدهم أصبح يعيش معه في موطنه الجديد كان بمثابة إيجاده لفرد ضائع من العائلة . لم تكن صحبة أثينا رغم حدة طباعها مزعجة بالنسبة له بل على العكس .. وجودها كان مصدرا للسعادة . كان يدرك أن أثينا في قرارة نفسها طيبة و تبالي بغيرها و إن كانت تدعي عكس ذلك.. و أن هذا الجدار الذي تبنيه حول نفسها سيتلاشى مع الأيام .

    اقترب جونكر بحذر من حليفته.. كان لون معدنها الأبيض الذي تخلله اللون الازرق يلمع تحت أشعة الشمس .. و شعرها الفضي كان يتلألأ ببهاء .

    كانت تنظر له شزرا بعينيها الزرقاوين البراقتين . خاطبته بنبرة مستاءة.. كان يمكنني أن أقضي على ثلاثتهم .. لكنك تعشق استعراض قوتك.. أليس كذلك ؟ لا تستطيع منع نفسك من تقمص دور البطل الخارق الذي يقضي على الوحوش بمفرده . ظننت أنك قلت أننا شريكان !

    أخذ جونكر نفسا عميقاً ليجهز نفسه لخوض نقاش عقيم معها كما هي الحال كل مرة . قال لها بهدوء : نحن فعلا شريكان ، ألم ننتصر في المعركة بفضل تعاوننا كما هي الحال دائماً ؟

    هبت أثينا به بنبرة اتهام .. لقد أرسلتني خلف تلك الصحون الطائرة و احتفظت لنفسك بحصة الأسد كما تفعل دائما ! أنا لست أدنى منك حتى تترك لي الجزء التافه و تحظى أنت بدور البطولة !

    - أثينا.. قال جونكر برفق .. هذه ليست منافسة بيننا.. ألا تفهمين ؟ حمايتك لسكان طوكيو و تخليصهم من هجوم الصحون الطائرة ليس تافها.. فهدفنا الأساسي هو حماية البشر.. و معاركنا ضد المدمرين ليست للتسلية !

    انتفضت أثينا وهي ترد بحدة : من قال لك أنني أتسلى ! أتظنني أجد القتال ضربا من التسلية ؟! أتظنني كنت أتسلى في موطني حين كانوا يدفعون بي للقتال ضد رفاقي ؟!

    كان جونكر يدرك أن هذه الذكريات التي حدثته عنها أثينا هي وتر حساس بالنسبة لها.. و أنها ستستغرق دهرا حتى تلتئم جراحها .

    قال لها بتعاطف محاولا تهدئتها.. أعرف أن ما مررت به هناك في وطنك السابق كان أقسى ما قد يتعرض له أي واحد من بني جنسنا.. و لكنك هنا على الأرض الآن.. و قد وعدتك أن لا أدع مكروها يصيبك. صحيح أنك مقاتلة بارعة.. لكن المدمرين يستهدفونك بإشعاعاتهم لعلمهم بأنها تؤثر فيك.. و الوحوش الآلية الثلاثة كانت مجهزة بأسلحة إشعاعية.. لهذا ارتأيت أن أواجههم أنا و أترك لك حماية طوكيو من هجوم صحون المدمرين .

    ضحكت اثينا ضحكة سخرية لاذعة.. إذا أنت تقول بأنك تفعل ذلك لحمايتي.. أنت تلمح أنني ضعيفة و لا أستطيع حماية نفسي من إشعاعاتهم !

    - أنا لم أقل ذلك أبدأ .. رد عليها جونكر بلهجة دفاعية . أثينا.. أنا لا شك لدي في قوتك ..

    - طبعا ليس لديك شك في قوتي ! أنسيت أنني كدت أقضي عليك حين وصلت إلى هنا ؟ أنسيت أنني هزمتك عشرات المرات في تدريباتنا على القتال سوية ! أنت لا تملك حتى نصف خبرتي في القتال.. أيها الغض !

    أرخى جونكر كتفيه مستسلما و يقول.. حسنا حسنا.. أنت الاقوى بيننا أيتها العجوز ! هل أنت سعيدة الآن ؟

    - أنت تهزؤ بي ! صرخت أثينا بحنق. إذا كنت مجرد عبء في المعركة بالنسبة لك.. فسأعفيك من مسؤولية حمايتي ! أنا راحلة !

    و بلمح البصر انطلقت أثينا الغاضبة بعيدا عن جونكر. نظر جونكر نحوها و هي تختفي عن ناظريه و هو محتار في أمره.. أيضحك من تصرفاتها الطفولية أم ينفحر غاضبا من ردود فعلها و تفكيرها اللاعقلاني هذه ؟

    خرج كنتارو من صدر جونكر و حط على كتفه. تنهد قائلا.. ها هي تهدد بالرحيل من جديد ! ألا تمل من هذه المسرحية في كل مرة لا تكون هي من سددت الضربة القاضية للوحش ؟ كم تذكرني بمزاجية راي.. حقاً أمر الفتيات غريب !

    نظر جونكر و كنتارو لبعضهما للحظة و قد تفهم كل منهما معاناة الاخر عند التعامل مع جنس الإناث.. آدميات كن أم غير ذلك! ضحك الاثنان قليلا..

    - ستعود حالما تهدأ أعصابها كما في كل مرة .. و ستتحداني في قتال لتثبت أنها الأقوى كالعادة !

    - يا لها من عنيدة . جونكر.. لنذهب في دورية أخيرة في المكان لنتأكد أن خطر المدمرين لهذا اليوم قد زال نهائيا

    هز جونكر رأسه موافقا : حسنا.. هيا بنا
    ...

  5. #5
    عضو مشارك الصورة الرمزية Memo Sama
    تاريخ التسجيل
    Nov 2015
    الدولة
    العراق، بغداد
    المشاركات
    50
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    افتراضي

    عاشت يدكِ إستمرِ (y)

  6. #6
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2018
    المشاركات
    5
    منشن (استقبل)
    0 مشاركة
    تاغ (استقبل)
    0 موضوع

    افتراضي

    الفـــــــــــــــصـــــــــــل الـــثـــــــالـــــــــــــــــث


    (من يظن نفسه.. تباً له! سأرحل بعيداً عن هذا المزعج.. كيف يجرؤ على السخرية مني أنا .. أنا أثينا!! )

    كانت هذه الأفكار تدوي في رأس أثينا الساخطة على جونكر و هي تحلق في الأفق. بعد أن أدركت أنها في الواقع كانت تدور في حلقات و أنها لم تبتعد كثيراً عن حيث كانت وقت جدالها مع جونكر أخذت تلعنه و تلعن نفسها و كذلك المدمرين. حطت رحالها على قمة جبل قريب و أخذت نفساً عميقاً تهدؤ به نفسها.

    (إنني أخدع نفسي..) اعترفت اثينا أمام نفسها بعد أن تلاشى سخطها غير المبرر و بدأت ترى الأمور من زاوية مختلفة. (ليس لدي مكان لأذهب إليه على كل حال .. كما أن جونكر على حق بخصوص تأثري بالأسلحة الإشعاعية..)

    لكن سرعان ما عاد كبرياء أثينا ليطغى على تفكيرها..

    (هذا لا يعطيه الحق بأن يهمش دوري في المعركة !) قالت لنفسها باستياء وهي تقطب حاجبيها. (ميجاترون ما كان ليفعل ذلك... كان ليدعني أقاتل بكل ما أملك حتى لو كان عدوي متفوقا دون أن يتدخل بهذا الشكل المهين ... )

    (ميجاترون..) رددت اثينا هذا الاسم لنفسها هامسة.. و كأنها تخشى لو رفعت صوتها أن يظهر أمامها شبحه. رفعت ناظريها نحو السماء بعينين منكسرتين و أخذت تتأمل غروب الشمس و قد أحست بثقل يطبق على صدرها. لون الغروب الأحمر أثار شجونها فتراءى لها المشهد نفسه الذي يطاردها في صحوها و نومها.. ميجاترون يدفع بها لإبعادها عن الخطر.. و بعدها ابتلعه انفجار رهيب من شدة قوته قذف بها ارتداده بعيدا في الفضاء السحيق. صرخت باسمه.. لكن صوتها ضاع مع دوي الانفجار الذي ملأ الأرجاء.

    أغمضت اثينا عينيها كي تطرد تلك الذكرى الأليمة.. و لكن بلا جدوى. كان الشعور بالضيق يتصاعد و يكاد يسحقها من الأعماق.

    (لماذا يا ميجاترون...) حدثت نفسها مبتئسة.. (لماذا فعلت ذلك.. لم يكن هذا من طبعك.. اتباعك و حمايتك كانت واجبي أنا.. أليس هذا ما قلته لي؟ لقد خذلتك بعجزي عن إدراك الخطر.. و بدلا من تركي أواجه مصيري.. ضحيت بنفسك لحمايتي ! تركتني وحدي.. ما أقسى قلبك..)

    حين فتحت أثينا عينيها رأت جونكر ماثلا أمامها و هو يطفو بين السماء و الارض. كانت خيوط شمس الغروب الذهبية و الحمراء تلمع على معدنه الاحمر البراق و تضفي عليه جمالاً يسعد الناظر إليه. هذا المشهد أزاح شعور الضيق الذي كان يعتري أثينا و لسبب ما حل محله شعور بالسكينة. ساد صمت للحظات كان فيه كلاهما ينظر نحو الآخر دون أن يحرك ساكناً.

    كسرت اثينا حاجز الصمت سائلة إياه بجلافة (منذ متى و أنت هنا؟ )

    (منذ برهة ) رد عليها جونكر بصوته الهادئ .(لكن كان من الواضح أنك منغمسة في ذكرياتك الحزينة و لم أشأ إزعاجك)


    (ذلك الفتى ليس ملتحما معك الآن .. أليس كذلك؟ لا أشعر بوجوده داخلك.)

    رمقها جونكر بتعجب. (تستطيعين تمييز ما إذا كان كنتارو ملتحما معي أم لا؟)

    )حين يكون ملتحما معك أستشعر ان طاقتك أضعاف ما لو كنت بمفردك..)

    قال لها مندهشا (لم أكن أعرف أنك قادرة على استشعار طاقة الآخرين)

    أشاحت اثينا بوجهها و قالت ببرود.. ( هناك الكثير مما لا تعرفه عني .. ما الذي تريده على أي حال؟ )

    حط جونكر على قدميه بالقرب منها. قال ممازحا (قلت لي إنك راحلة.. لكني أرى أنك ما زلت هنا و لم ترحلي.. تماما كما في كل مرة ! )
    ( يبدو أنك متشوق لرحيلي) ردت عليه اثينا عابسة و هي لا تزال تشيح بناظريها.

    ضحك جونكر في سره.. لكنه حاول أن يتمالك نفسه من الضحك أمامها حتى لا يغضبها. كانت أثينا لا تمل من ترديد كونها الأقدم.. لكن هذا لم يعن أنها في حقيقة الأمر أكثر حكمة أو نضجا منه.. بل على العكس.. كانت هذه المخلوقة متقلبة المزاج كطفلة مدللة.. كان جونكر يحب جانبها الطفولي هذا رغم كونه مستفزا لدرجة لا تطاق في بعض الأحيان.

    قال لها جونكر مبتسماً (كلا يا أثينا.. تعلمين جيداً أنني لا أريدك أن ترحلي.. )

    (هذا فقط لأنك تحتاجني لحماية البشر البائسين.. و لأنك تعلم جيدا أن لا مكان لي أذهب إليه. ) هاجمته بنبرتها المتهمة و هي تلتفت نحوه.


    (لأن هذا وطنك يا أثينا) رد عليها بنبرة حازمة و لكن دمثة.

    (وطني.. ) كررت أثينا و قد لوت بشفتيها و كأنها غير مقتنعة بكلامه. ارتسمت علامات الاستغراب على محياه من ردة فعلها.

    )هل لديك شك في ذلك؟)

    أطلقت أثينا زفرة حارة و أغمضت عينيها للحظة.. ثم فتحتهما و حدقت في غروب الشمس مجدداً .

    (جونكر..أنا لست مثلك) قالت له بتجهم.. (أنا لن أنكر أنني أحببت الأرض و لا أريد أن يدنسها أولئك الاوغاد.. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها الوطن بالنسبة لي. لو كان لي مكان آخر لذهبت إليه بلا تردد.. الأمكنة لا تعني لي شيئاً... أنت تعتبر الأرض موطنك بعد كنتاروس لأنك ترى نفسك حاميا لها)

    كلماتها هذه هزت جونكر في الصميم. أيعقل أنها لا تزال غير قادرة على الشعور بالانتماء للأرض؟ أيعقل أنها ذات يوم قد ترحل فعلا و بكل بساطة دون أدنى شعور بالتردد؟

    ( أثينا..) سألهاجونكر بقلق ( إذا لم تكن الأرض أو أي مكان في هذا الكون وطنك.. فما هو الوطن بالنسبة إليك ؟ )

    نظرت أثينا نحوه و قد لاحت في عينيها نظرات الضياع . أجابته بتردد..( أنا.. لست أدري.. ربما ليس مقدرا لي أن أنتمي لأي وطن )
    عاجلها جونكر بالقول بصوت عطوف ( أنت مخطئة يا أثينا ، جميع المخلوقات في هذا الكون بحاجة إلى وطن.. قد يكون الوطن المكان الذي ولدت او عاشت فيه.. و قد يكون شيئاً آخر..)

    )مثل ماذا؟(

    ) مثل العائلة.. الأصدقاء.. الأشخاص الذين نحبهم(

    kهضت أثينا على قدميها.. ووقفت قبالته ، كانت كلماته قد أثارت اهتمامها و لامست وجدانها. ( أتعني أن الوطن لا يقتصر على الأمكنة.. بل يشمل الأشخاص أيضا ؟)

    هز جونكر رأسه بالإيجاب و أجاب برفق ( أثينا.. أنت أصبحت واحدة منا شئت أم أبيت ، لقد اخترت البقاء هنا و الدفاع عن هذه الأرض.. كان بإمكانك الرحيل لكنك لم تفعلي.. بل بقيت هنا ووقفت إلى جانبي ، أنت في نظر أهل الأرض البطلة التي تحميهم.. ما فعلته اليوم في سبيل حماية الأبرياء كان بطولة حقيقية.. فبفضلك لم تكن هناك خسائر كبيرة في الأرواح.. و هذا هو المهم ، الأرض تحتاجك كما تحتاجني يا أثينا.. أنت تنتمين إليها )

    أطرقت اثينا برأسها وهي تحاول استيعاب كلماته. تابع جونكر قائلاً بنبرة اعتذار ( أنا لم أقصد إهانتك حين أبعدتك عن ساحة المعركة.. لكن سلامتك تهمني كما تهمني سلامة البشر . أنت حليفتي في معركتي ضد المدمرين.. لكني لن أتوانى عن إبعادك عن الخطر حتى و لو لم يرق لك ذلك .)

    كلمات جونكر جعلت أمواجا من مشاعر الارتباك و الحيرة تتلاطم في صدرها. كان جزء منها سعيدا بخوفه عليها و حرصه على سلامتها.. بينما كان الجزء الآخر منزعجا من تصرفاته هذه.. فهي لم تعتد أن يعاملها أحد على هذا النحو.. خصوصا ميجاترون.. لقد اعتاد أن يدعها تتدبر أمرها مهما واجهت من صعاب.. كان يقول دوماً ( البقاء للأقوى ).. فكانت أثينا حريصة على أن تثبت له أنها قوية بما يكفي لتستحق أن تكون تابعته.. تابعته لا شريكته كما يعتبرها جونكر . شتان ما بين نظرة كل منهما لها.. لكن على الرغم من ذلك فقد كانت رفقة ميجاترون تعني لها الكون و ما فيه.

    )أثينا)

    أيقظ صوت جونكر اثينا من شرودها. نظرت نحوه و الحيرة بادية عليها. (نعم ؟)

    (بم تفكرين ؟)

    فتحت أثينا فمها لتجيبه.. لكن سرعان ما تراجعت و أطبقت شفتيها. لم تكن مستعدة لتخبره بما يجول في خاطرها بعد... و ربما لن يكون بمقدورها إخباره بذلك على الاطلاق .

    علم جونكر أن الوقت لا زال باكراً على تناسي أثينا أوجاع الماضي - و إن كان لا يعرف سوى القليل مما أخبرته أثينا عنه - و تقبلها للوضع الجديد. لم يشأ أن يضغط عليها أكثر من ذلك فلم يعاود السؤال .

    ) أريد منك أن تقطعي لي وعدا يا أثينا (

    ارتسمت الدهشة على قسمات وجه أثينا. ( وعد ؟ ما عساه يكون ؟)

    ( أريد منك ألا تقدمي على أية مخاطرة دون التفكير في عواقبها.) ثم اضاف بابتسامة ماكرة ( اي بمعنى آخر... لا تقومي بأية حماقات )

    اتسعت حدقتا عيني أثينا حالما سمعت عبارته الأخيرة و فغرت فاها مصدومة.. و سرعان ما تبدلت ملامحها فالتهب وجهها غضبا و تأججت نيران الحنق في صدرها .. قالت و هي تصك أسنانها غيظا.. (ماذا قلت للتو ؟ )

    لم يكن في نية جونكر إثارة حفيظتها بكلماته .. لكن بدا واضحاً أنه لم يحسن اختيار كلماته .. و أن ما كان من المفترض أن تعتبره أثينا ضربا من الاستفزاز المقبول كان في عرفها هي إهانة قد مست كبريائها الثمين و تخطت الحدود ، أثينا كانت تماماً كقنبلة موقوتة لا يمكن التكهن متى أو ما الذي قد يفجرها . توقع جونكر أن تبدأ بالصراخ كبركان هادر .. لكن ما أشد دهشته حين فاجئته بابتسامة صفراء و هي تهدد بنبرة هادئة و لكن مرعبة (ستدفع ثمن وقاحتك ).

    في أقل من طرفة عين كانت لكمة يدها تطير نحو وجه جونكر المرتبك الذي لم يتوقع من شريكته ردة فعلها.. لكمتها كانت قوية لدرجة ان شدتها جعلت جونكر يتراجع بضع خطوات للخلف مترنحا .. تعافى من صدمته بسرعة و رمق أثينا بحنق و هو يتحسس الجانب الأيسر من فكه متمتما ( اللعنة أثينا ! )

    سرعان ما تبدلت ملامح وجهه بدوره و ابتسم مراوغا و هو يقول بتحد ( حسنا.. تريدين اللعب إذا ؟ في هذه الحال.. سأنتزع ذلك الوعد منك انتزاعا ! )

    انقضت عليه أثينا مسددة لكمة أخرى .. لكن جونكر كان مستعدا لها هذه المرة فرفع يديه ليصد ضربتها فاستقرت قبضتها بين راحتيه اللتين أطبقتا عليها بقوة.. قال متهكما ( أهذا أفضل ما عندك أيتها المحاربة المخضرمة ؟ )

    ردت عليه بابتسامة أخرى مصطنعة و عيناها تلمعان سخطا ( أنت جنيت على نفسك)

    أخفضت اثينا جسدها و بيدها الأخرى سددت لكمة نحو بطنه.. سارع جونكر للإمساك بيدها الأخرى و بحركة خاطفة لوى ذراعيها الاثنتين خلف ظهرها و أجبرها على الجثو على ركبتيها و هو لا يزال ممسكا بذراعيها بإحكام. بينما كانت أثينا تحاول مقاومته قال لها بتصميم (أنا جاد يا أثينا.. أريدك أن تعديني الآن و حالا !)

    كان رد أثينا عليه أن استجمعت قوتها و ركزت ثقلها على قدميها ودفعت بجسدها للخلف بعنف فأسقطته على ظهره و هي فوقه.. و حالما حررت ذراعيها منه وثبت بخفة متشقلبة في الهواء و حطت على قدميها بعيدا عنه . أسرع جونكر للنهوض بدوره و التفت نحوها ليجدها قد انقضت نحوه بأقصى سرعة و وجهت نحو جانبه الأيمن ركلة طائرة صدها بذراعه الأيمن مباشرة و أسرع للإمساك بقدمها نفسها و التف بجسده 180درجة و ألقى بأثينا بكل قوته على الأرض عند قدميه. ما أن لمس ظهرها الأرض و قبل أن تدع قوة الرمية تجعل تصادمها مع الأرض يضغط بثقل جسدها كله نحو الأسفل أرجعت ذراعيها للخلف و استندت بثقلها إلى رسغيها ثم دفعت بقدمها الاثنتين للأعلى و وجهت ضربة مباغتة نحو بطنه. اعترت وجهه علائم الألم و ترنح للخلف قليلاً .. نهضت أثينا و حاولت لكمه في بطنه من جديد لكنه تفادها بالتنحي جانباً. ما كانت أثينا لتدعه يفلت منها.. أخذت توجه نحوه مجموعة من اللكمات السريعة الواحدة تلو الأخرى من كلا الجانبين بينما كان جونكر يتجنب تلك الكلمات تارة و يصدها بذراعيه تارة أخرى.

    (الدفاع على هذا النحو لن يجدي طويلاً .. علي أن انتقل للهجوم ! ) فكر جونكر في نفسه. حين حاولت اثينا لكمه من الجانب تفاداها و أسرع ليثني ركبته و يضربها بها بكل قوته في بطنها بدوره .

    أطلقت أثينا صرخة ألم مكتومة و طارت في الهواء . لكنها لم تسقط على الأرض بل وازنت نفسها في الوقت المناسب و حطت على قدميها. ركض جونكر نحوها و وجه قبضته نحو وجهها لكنها اخفضت جسدها متفادية اللكمة و استخدمت مقدمة رأسها لتضربه في وجهه . لم يضع جونكر الوقت في التفكير في مدى الألم الذي سببته تلك الضربة بل قام على الفور بإحاطة ذراعيه حول خصرها و انحنى بجسده للخلف و هو ممسك بها و رماها بكل ما أوتي من عزم للخلف على الأرض . هذه المرة سقطت أثينا بقوة و لم تتمكن من الحراك بسرعة.



    )ألم تكتفي بعد ؟(
    ردت عليه و الشرر يتطاير من عينيها ( لا زلنا في البداية فقط ! )

    استمر العراك لساعات. خيم الظلام.. و بسط الليل جناحيه على الأرجاء . ألقى القمر بضوءه على جسديهما المعدنيين اللذين كانا يتحركان بلا توقف فكان يخيل للناظر من بعيد لهذا البريق أنهما نجمتان تتراقصان وسط بحر من العتمة اللا متناهية .
    بعد سيل وافر من شتى أنواع الضربات .. وقف كلاهما للحظات يلتقط أنفاسه المتسارعة و هما يلهثان بشدة و قد بديا في حالة يرثى لها . كان جونكر الأكثر تعبا من بينهما .. فبعد قتال المدمرين و بعد هذه المعركة الشرسة مع أثينا كانت طاقته قد شارفت على النفاد خصوصا أنه غير ملتحم مع كنتارو .. كان يتحامل على نفسه كي لا ينهار أمام أثينا و يمنحها فرصة لتشمت به و ترضي غرورها . اثينا كانت مدركة أن جونكر قد وصل لأقصى درجات التحمل .. و لم تستطع منع نفسها من التعجب من إصراره على المتابعة رغم ذلك .

    ( إنه يرفض الاعتراف بعجزه عن المتابعة.. يا له من عنيد ) فكرت أثينا بامتعاض. (لا بد من أن أجبره على الاستسلام.. سأنهي هذه المعركة في الحال ! ) تابعت لنفسها و هي تأخذ نفسا عميقا كي تستعيد ثبات وقع أنفاسها.

    ( لم يكن أداؤك سيئا...) وجهت أثينا له الخطاب بنبرة متعالية .

    ( لا بأس بك أيضا..) رد عليها بنبرة استخفاف. أضاف قائلا.. ( اعذريني إن لم أتساهل معك هذه المرة كما كنت أفعل في السابق )

    رغم اعتداد أثينا الشديد بمهاراتها القتالية إلا أنها لم تكن غبية لتوهم نفسها بأن انتصاراتها السابقة على جونكر في تدريباتهما المماثلة كانت بفضل تفوقها عليه.. فحقيقة كون جونكر ندا لها حتى حين لا يكون ملتحما مع كنتارو دليل على أنه مقاتل فذ لا يستهان به حتى و هو ليس في كامل قوته. الا أن الأمر المفروغ منه هو أنها كانت تفضل الموت على الاعتراف بذلك أمامه.

    (قل ما يحلو لك..) ردت عليه كاتمة غيظها.

    في جزء من الثانية رآها تطير نحوه و توجه له من الجانب ركلة استقرت خلف ركبته اليمنى أفقدته توازنه فسقط على ظهره. أجبر نفسه بصعوبة على الجلوس بسرعة معتدلا.. لكن قبل ان ينجح في النهوض أتته أثينا من الخلف جاثية على ركبتيها و لفت ذراعها الأيسر حول رقبته و شدت عليها بكل ما أوتيت من قوة و بالذراع الأخرى ثبتت رسغه الأيمن خلف ظهره.. بيده الحرة أمسك جونكر بذراعها التي تطبق حول عنقه محاولا تخليص نفسه منها.. لكن جسده في تلك اللحظة بات خائر القوى تماماً.. نال منه الإعياء الشديد فلم يعد يقوى على مقاومتها حتى . شعرت أثينا بأن حركته قد سكنت تماماً و أنه عاجز عن إبداء أية مقاومة فخففت القليل من إحكام ذراعها حول رقبته حتى لا تسبب له الاختناق و لكن دون أن تدع له مجالا للإفلات .

    (لم لا تعترف بالحقيقة..) همست في أذنه من الخلف بصوت ينضح بالاستياء. (تلك الآدمية تعمدت أن تجعل منك مخلوقا ناقصا.. أنت قوي يا جونكر .. و لكن قوتك تتناقص حتى تكاد تضمحل في غياب ذلك الفتى.. لقد ربطت مصيرك بوجوده هو.. سلبتك حقك في أن تكون الأقوى دونما الحاجة الى الالتحام مع مخلوق تافه ضعيف مثله ! )

    التعب الشديد الذي غزا كل ذرة في جسده و أوشك على إفقاده الإحساس بما حوله حال دون أن يمنحه القدرة على القذف بها في الهواء كما كان يتمنى لحظتها و تلقينها درساً على كلماتها القاسية تلك .

    (حاجتي لكنتارو ليست مدعاة للخجل أو العار ..) رد عليها بصوت ضعيف. لقد أدرك أنها لم تكن فعلاً تحاول خنقه.. بل هي فقط تتعمد إيلامه و تستعرض قوتها و تخضعه لبأسها بعد أن بدا واضحاً لها أنه عاجز عن الاستمرار في القتال... و أنها تحاول إذلاله ليس إلا .

    تابع بقوله و صوته يتهدج من الألم ( إنه قدرنا .. أنا و كنتارو .. أن نحارب معا... أن يكمل بعضنا بعضا ..)

    (هذا ليس قدرك.. هي قررت مصيرك بأنانيتها ! لقد أرادت التحكم بك.. و لهذا السبب أخذت تلك القطعة منك و صنعت منها القلادة التي بواسطتها يلتحم معك ابنها كي تعتمد عليه هو في معاركك بدل الاعتماد على قوتك بمفردك ! )

    (أنت مخطئة.. مايا ليست أنانية.. أنت لن تفهمي ..)

    ( لن أفهم ماذا ! ) انفجرت بسؤالها كما لو كانت إعصار هادرا .

    ابتسم جونكر ابتسامة متعبة و هو لا يزال يحاول كتم ألمه حين أجابها بقوله ( معنى أن تضحي بنفسك من أجل الآخرين .. )

    نزلت كلماته عليها نزول الصاعقة و كأنما قذفت بها في واد سحيق لا خلاص منه .. فوجئ جونكر بها ترخي ذراعيها ببطء و تفلته.. شعر بارتياح و تنفس الصعداء .. أما هي فقد جلست خلفه بتثاقل فأسندت ظهرها إلى ظهره و رأسها الى رأسه. لم يكن بوسع جونكر رؤية معالم وجهها و هي خلفه على هذا النحو.. و لم يحاول الالتفات رغم رغبته في ذلك . أرسلت زفرة مريرة طويلة ثم ساد صمت كئيب لبعض الوقت .

    ( جونكر ...) بادرته بصوت بدا عليه التعب و الوجوم . (لماذا قد نضحي من أجل الآخرين ؟ )

    ( لأننا نكترث لسلامتهم ) أجابها بصوت دافئ . أضاف برفق ( ولأننا نحبهم .. )

    رأت أثينا صورة ميجاترون حين ابتلعه الانفجار تلوح أمامها للحظة ثم تختفي كالسراب . شعرت بغصة خانقة في حلقها.

    ( لكن هذه المشاعر تجعلنا ضعفاء .. )

    ( ربما ... و لكنها تجعلنا أقوى أيضا . إنها تجعل لحياتنا معنى )

    (لا زلت لا أفهمك .. لا أفهم كيف تتقبل فكرة أن وجودك مرتبط بتلك المخلوقات .. لماذا تسلم بفكرة أن مخلوقا أدنى منك مكمل لك و مصدر لقوتك ؟)

    )لأننا ننتمي لبعضنا.)

    ( ذلك الحديث عن الوطن و الانتماء للآخرين مجددا.. إيه ؟ ) تمتمت اثينا.

    (يوما ما ستفهمين يا أثينا .. أنا واثق)

    التفت جونكر للخلف و قال بنبرة حانية رغم جديتها .. (هل ستعطينني وعدك يا اثينا بألا تتسرعي و تعرضي نفسك للخطر فقط من أجل اثبات قوتك ؟ أنت تعلمين أنن لا حاجة لك لتثبتي ذلك أمام أحد.. لا تدعي غرورك يعمي بصيرتك و يضعك في المآزق . ارجوك عديني . )

    لم تلتفت اثينا اليه.. انتظر منها أية ردة فعل ثم أتته إجابتها بصوت بالكاد مسموع و هي تشعر بالإحراج و كأنما كان هذا الوعد مهينا لها..

    (أعدك...)

    هز جونكر رأسه راضياً و الابتسامة على محياه . عاد ليعتدل في جلسته و أسند رأسه الى رأسها من الخلف .

    ( كان يمكنك أن تعديني بكل بساطة بدل كل هذه المعاناة التي أخضعتنا لها . ) قال ممازحا بصوت مرح .

    أجابته ممازحة بدورها ( وأحرم نفسي فرصة إشباعك ضربا ؟ أنت تحلم ! )

    (أتعلمين.. لا أذكر أننا تعاركنا بهذه الحماسة منذ أول مرة واجهتك فيها حين جئت إلى الأرض)
    (كنت متردداً في قتالي يومها.. لكنك اليوم أبديت صموداً لم أتوقعه منك)

    قهقه جونكر ..(أثينا العظيمة تمتدحني؟ لا شك أنها نهاية العالم!)

    (تباً لك(

    أخذ الاثنان يضحكان من أعماقهما .. دوى صوت ضحكهما لبعض الوقت في أرجاء المكان . لم يتوقفا إلا حين كادت أنفاسها تتوقف مع كل ذلك الضحك من شدة التعب الذي ألم بهما بعد كل ذلك المجهود الذي بذلاه اليوم . ساد الهدوء المكان لبعض الوقت.

    ( جونكر .. ) قالت أثينا برفق و قد أرادت أن تسأله شيئاً .. لكنه لم يحرك ساكناً .. لم تكن قادرة على رؤية وجهه.. لكنها كانت واثقة أنه كان قد استسلم للإعياء و راح في نوم عميق . لم تتحرك أثينا من مكانها كي لا توقظه.. بل أغمضت عينيها هي أيضاً.. و قررت الخلود للراحة بعد هذا اليوم الشاق .

    خلال نومهما على تلك الهيئة.. لا أحد يدري متى او كيف.. لكن اصابع اليد اليمنى لأثينا و يد جونكر اليسرى كانتا متشابكتين من الخلف بحرارة.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الأعضاء الذين استلموا تاغ للموضوع